Jumat, 29 Juli 2016

MENULIS BUKU

إعداد الكتب المدرسية
لتعليم اللغة العربية بالمدارس الثانوية بإندونيسيا


مقالة

مقدمة في الملتقى العلمي العالمي العاشر
للغة العربية
المنعقد في 26—28 أغسطس 2016م
بجامعة بونتياناك الإسلامية الحكومية
بونتياناك كالمانتان الغربية
إندونيسيا


بقلم:
أ/مُهَيْبَان

قسم الأدب العربي
كلية الآداب جامعة مالانج الحكومية
إندونيسيا
2016م





إعداد الكتب المدرسية لتعليم اللغة العربية بالمدارس الثانوية بإندونيسيا




بقلم:
أ/مُهَيْبَان
قسم الأدب العربي كلية الآداب جامعة مالانج الحكومية إندونيسيا
HP: 0817530107

المقدمة
بسم الله االرحمن الرحيم. إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد، فإن الكتاب إحدى مؤشرات الرقي والتطور والتقدم بين الأمم. وهو معيار من معايير ما وصلت إليه ثقافاتهم ومستويات تطورهم.  والكتاب المدرسي له مكانته الخاصة في تنمية ثقافتهم. إن الكتاب المدرسي وعاء المعرفة، وناقل الثقافة، ومحور العلمية التربوية وأداة التواصل بين الأجيال، ومصدر المعلومات الأساسي عند كثير من المعلمين (طعيمة، 1985م).
 إن للكتب المدرسية دورها البارز ووظيفتها الاستراتيجية في تعليم اللغة العربية، حيث أنها تقدم مادة تعليمية تنمّي للطالب المهارات اللغوية الرئيسة وتزوده بالتدريبات التي  يمارس من خلالها اللغة العربية، كما أنها توضّح للطالب غير الناطق باللغة العربية ما تمتاز هذه اللغة من خصائص تدفعه إلى إنفاق الوقت وبذل الجهد في تعلمها. إضافة إلى ذلك فإن الكتب المدرسية تعرض الأصول الثقافية الإسلامية والعربية وتوضح العلاقة الوثيقة بينهما باعتبار اللغة العربية لغة لكتاب المسلمين، القرآن الكريم. 
والواقع في إندونيسيا يدل على أن كتاب تعليم اللغة العربية الذي كتبه الإندونيسيون فيها ضئيل. وهذا الكم الضئيل في كثير من الأحيان ضعيف المستوى. والأسباب من ذلك مازالت في حاجة إلى بحث علمي دقيق، ولكن هناك بعض المنطلقات في ذلك، منها أن السبب يرجع إلى ضعف الدوافع التي تدفع خبراء تعليم اللغة العربية ومعلميها والمهتمين بها فيها إلى إعداد المواد التعليمية أو تأليف الكتب الدراسية. إضافة إلى ذلك فإن الحكومة الإندونيسية لا تلقي بالا إلى برامج إعداد الكتب المدرسية لا سيما الكتب العربية، كما لا تدعم المؤلفين ماديا ولا معنويا إلا بدرجة متواضعة. والسبب الآخر من ذلك ربما قلة ما لمدرسي اللغة العربية من المعلومات النظرية حول إعداد الكتاب المدرسي وتأليفه، وعدم ميولهم إليهما نتيجة عدم معرفتهم حول أهمية الكتاب المدرسي ووظيفته ودوره في إنجاح تعليم اللغة العربية في المدارس. تلك هي بعض المشاكل في واقع إعداد الكتاب المدرسي في إندونيسيا.
نظرا إلى ما سبق ذكره من الحقائق العلانية، فلا بد من المحاولات إلى ترغيب خبراء تعليم اللغة العربية والمدرسين والمهتمين بها في إعداد المواد التعليمية أو تأليف الكتب المدرسية، وحثّهم على حب الكتابة والتأليف. ويمكن أداء ذلك بتزويدهم بالمعلومات والعلوم حول إعداد المواد التعليمية وتأليفها  عن طريق ندوة علمية نظريا، وإعداد الكتب التعليمية في ورشة عمل تطبيقيا.
هذه المقالة المتواضعة يسرّها أن تروّج بعضا يسيرا من المعلومات حول إعداد المواد التعليمية وتـأليف الكتب المدرسية، إن شاء الله. وتتكون المعلومات فيها مما يتعلق بمفهوم الكتاب المدرسي، ووظيفته في تعليم اللغة العربية، والمعايير الأساسية له، وإخراجه ، وأساسيات إعداده.
ويتوقع من مشاركي الندوة بعد الاطلاع على هذه المقالة المتواضعة أن يتوفر لهم المفاهيم والنظريات حول الكتاب المدرسي وإعداده وإخراجه. وبذلك يتمكنون من تطبيقها في وضع تصميم الكتاب المدرسي وإعداده وتأليفه لطلبتهم في مستوياتهم المناسبة. ويكون ذلك بمثابة المحاولات إلى سدّ ما يحتاجون إليه من المصادر التعليمية الجيدة لتحقيق الأهداف التعليمية المنشودة.

مفهوم الكتاب المدرسي
        تعريف الكتاب المدرسي أنواع عدة. ومن التعريفات ما يضيق مفهومه وهو "الشكل التقليدي للكتاب الذي يوزع على الطلبة والذي يشمل محتوى المقررات الدراسية". بينما كان اليونسكو يقول في تعريفه للكتاب: "كل مطبوعة غير  دورية تحتوي على الأقل على تسع وأربعين صفحة باستثناء الغلافين" (طعيمة،1985م).  وهناك تعريف آخر يتسع مفهومه بأنه بالإضافة إلى أنه يشمل المواد التعليمية فهو كذلك يشمل الكتب والأدوات المصاحبة مثل شرائط التسجيل والمذكرات وكراسة التدريبات وكراسة الاختبارات الموضوعية، بل ومرشد المعلم.
            والمراد بالكتاب المدرسي في هذا المقال هو الكتاب الأساسي للطلبة الذي يشتمل على مواد تعليم اللغة العربية حيث يمثل مضمون المنهج التربوي المقرر ويصوّره. ولا يبحث هذا المقال فيما يتعلق بالكتب والأدوات المصاحبة له.

وظائف الكتاب المدرسي
        الكتاب المدرسي من أهم المصادر التعليمية، إذ أنه يصور مضمون المنهج التربوي المقرر، ويحتوي على مستويات الخبرات التعليمية الموجهة إلى تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة.  فالكتاب المدرسي لتعليم اللغة العربية له مكانة مركزية في نظام التربية بوجه عام ونظام تعليم اللغة العربة بوجه خاص.
            ونظرا إلى أن الكتاب المدرسي من أهم المصادر التعليمية، فإنه يكون له وظائف استراتيجية في تعليم اللغة العربية. وهذه الوظائف ما يلي(طعيمة، 1985):
(1) تقديم ما يحتاج إليه الطالب من المواد التعليمية التي تنمي له المهارات اللغوية الرئيسة، الاستماع والكلام والقراءة والكتابة، التي يحتاج إليها للاتصالات في مجتمعاته المختلفة؛
(2)  تزويد الطالب بالتدريبات التي يما رس من خلالها اللغة والتي تكشف إلى درجة كبيرة عن عثراته فيها؛
(3) توضيح ما تمتاز به اللغة العربية من خصائص تجعل الطالب يتوجب على إنفاق الفرصة في سبيلها وبذل الجهد في تعلمها، لاسيما للطالب غير الناطق باللغة العربية؛
(4) تعكيس فلسفة المؤلف من تدريس اللغة العربية وتصويره للأهداف الرئيسة لتعلمها وتعليمها.
(5)  تقديم الأصول الثقافية الاسلامية والعربية  للمضمون اللغوي تقديما أمينا يبرز خصائصها ويوضح العلاقة الوثيقة بين الثقافة الإسلامية والعربية.

المعايير الأساسية  للكتاب المدرسي
        للقيام بتصميم الكتاب المدرسي يشترط أن تراعى العناصر الأساسية المكونة له. فلذلك ينبغي أن يتعرف مؤلف الكتاب المدرسي على السمات الأساسية التي تميزه عن غيره من المواد التعليمية المكتوبة. وفيما يلي بعض تلك السمات (الخوالدة، 2011م): 
(1) يكون الكتاب المدرسي ترجمة صادقة للمنهج التربوي الذي يشمل فلسفة التربية والتعليم والأهداف التربوية المنشودة. ويتحقق ذلك في جميع العمليات التعليمية ابتداء من اختيار المواد التعليمية وطرائق عرضها وتنظيمها إلى اختيار أساليب نقل الخبرات التعلمية وعمليات التقويم؛
(2) يساعد الكتاب المدرسي المتعلمين على اكتساب الأهداف التعليمية المخططة في المنهج المقرر  وعلى سد احتياجاتهم الذاتية وفقا لواقعهم الحياتي؛
(3) يوفّر الكتاب المدرسي الفرص التعلمية لدى المتعلمين حتى يتمنكوا من التعامل مع المواد التعليمية والخبرات التعلمية من خلال إدراكاتهم وحواسهم وميولهم، وذلك لاكتساب الكفايات النظرية والعملية المستهدفة؛
(4) يثير الكتاب المدرسي اهتمامات المتعلمين ويشكل دافعيتهم الإدراكية نحو المضمون التعليمي حتى يتمكنوا من استمرار تفاعلهم الإيجابي مع الخبرات الموجودة؛
(5) يكون الكتاب المدرسي كتاب المادة التعليمية بشكل متكامكل ومتكايف يشتمل على تعليمات إجرائية وإرشادات تربوية تساعد المتعلمين في التغلب على الصعوبات وإدراك الأهداف التربوية المنشودة.
وهناك دراسة كتبها القاسمي (في طعيمة، 1985م) عن الكتاب المدرسي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، حيث وضع فيها المعايير للكتاب المدرسي الجيد كما يلي:
(1) الأهداف السلوكية، أن يكون للكتاب المدرسي تحديد الأهداف لتعليم اللغة العربية وصياغتها بطريقة سلوكية.
(2) ملائمة الكتاب للمتعلمين، أن يبني الكتاب مادته على التحليل التقابلي والتحليل الحضاري التقابلي.
(3) التحليل التربوي، أن يلائم الكتاب المتعلمين من حيث العمر والقابلية والمستوى اللغوي والتعليمي والولوع والوقت الذي يستطيعون تكريسه لدراسة العربية.
(4) ملائمة الكتاب للمعلم، أن يضع مؤلف الكتاب المدرسي في اعتباره المدرسَ الذي يستخدم الكتاب من حيث مهاراته اللغوية والفنية وعبئه التعليمي.
(5) المادة التعليمية، أن يشمل الكتاب المادة اللغوية التي تحتوي على النظام الصوتي والمفردات والتعبيرات الاصطلاحية والتراكيب اللغوية كما يشمل المادة الحضارية من مواقف الحياة اليومية والملامح الثقافية.
(6) المهارات اللغوية، أن يمثل الكتاب الارتباط بين هدفه والمتعلمين الذين يتعلمون به العربية والمهارات اللغوية المدروسة.
(7) الطريقة، أن يمثل الكتاب العلاقة بين المتعلمين ونوع طريقة التدريس التي ينبغي أن يتبناها الكتاب.
(8) العرض، أن يعرض الكتاب المواد التعليمية بحيث يتناول القدرات التي تطلبها تعلم اللغة إما قدرات لازمة للفهم وإما قدرات لازمة للتعبير، والتي تنعكس على طريقة عرض المواد التعليمية.
            بينما كان الفريح والريح (في طعيمة، 1985م) قدّما في بحثهما آراءهما حول الأسس التي لابد من توافرها عند تأليف كتاب تعليم اللغة العربية. تلك الأسس ما يلي:
(1) أن يكون المحتوى الفكري من الكتاب إسلاميا إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باعتبار أن اللغة العربية لغة القرآن.
(2) أن تُختار لمادة الكتاب الألفاظ والتراكيب السهلة الشائعة مع الحرص على المحتوى الفكري الجيد الميسر.
(3) أن تكثَر في الكتاب التدريبات والتمرينات بأنماطها المختلفة مع مراعاة التقويم المستمر.
(4) أن تتوفر للكتاب الصور لكونها تشكل عنصرا حسيا يوضح المادة المقدمة ويقربها إلى أذهان الدارسين.
(5) أن تعرض مادة الكتاب مع العناية بالتدرج اللفظي والتسلسل العلمي، فيكون الانتقال من المفردات إلى الجمل البسيطة فإلى الجمل المركبة، ومن أوليات العلوم إلى ما هو أعلى منها.
(6)  أن تكون المادة سليمة من الأخطاء اللغوية والعلمية والفكرية.
(7)  أن تركز المادة على الحوارات القصيرة التي تتطلبها مواقف الحياة اليومية العامة.
(8) أن يتكون تعليم اللغة العربية في الكتاب من الناحيتين العلمية والوظيفية معا.   

إخراج الكتاب المدرسي
        الإخراج هو وصف الكتاب وشكله الذي صدر فيه، وذلك من حيث طباعته وحجمه ونوع الورق وغير ذلك من الجوانب التي تتصل بالشكل العام الذي صدر فيه الكتاب (طعيمة، 1985م). وإخراج الكتاب له أهميته الرفيعة ودوره البارز في إثارة انتباه الدارسين وشد اهتمامهم للمادة التعليمية من خلال المؤشرات الحسية والبصرية المتصلة بالرسوم والأشكال والخط والألوان والصور والجداول والرموز.
            للإخراج عدد كبير من العناصر. يقدم طعيمة (1985م) تسعة عناصر منه وهي: عدد الصفحات، وطباعة الكتب وتشكيل الحروف، والأخطاء المطبعية، ومقدمة الكتاب، وفهرس المحتويات والكشاف، والعناوين الداخلية، وعدد الدروس، والصور والرسوم.  بينما كان الخوالدة (2011م) يأتي بإثنا عشر عنصرا منه وهي: الغلاف، والشكل والمساحة، والورق، والطباعة، ولون الطباعة، والرسومات والصور والأشكال التوضيحية، والمواد التعليمية المدعمة، وعنوان الكتاب والمؤلف، وقائمة المحتويات، وقائمة المراجع، وقائمة المصطلحات والمفاهيم، وقائمة التصويبات.
وتقتصر هذه المقالة البسيطة في تقديم عناصر الإخراج على تسعة عناصر رأسية فيما يلي:
1-   البيانات، يقصد بالبيانات هنا هوية الكتاب. لابد للكتاب أن يكون فيه هذه البيانات. وتكتب هذه البيانات على الصفحة الأولى الداخلية من الكتاب بالترتيب الأتي: (1) اسم المؤلف، و(2) عنوان الكتاب، و(3) رقم الطبعة، (4) اسم المحقق أوالمعلق، و(5) بلد النشر، و(6) دار النشر أو المطبعة، و(7) تاريخ النشر، و(9) أجزاء الكتاب.

2-   الغلاف، يحسن بالمؤلف أن يختار الغلاف من الورق المقوى السميك الذي لايقل عن 240 جرام لكل 100سم مربع من نوع الورق البرستول Bristol أو الجلاسية Glasser (الخوالدة، 2011م). وأن يزينه برسوم ملائمة تدل على المواد التعليمية التي يشتمل عليها الكتاب، وأن تكون ألوان الغلاف وما عليه من الصور جذابة وملفتة للنظر. ويطبع على الغلاف عنوان الكتاب واسم المؤلف في مكان مناسب منه.

3-  الحجم، اختيار حجم الكتاب عامل اقتصادي يؤثر في تسهيل إنتاجه (طعيمة، 1985م) وعامل تطبيق عمليي لدى الطلبة عند حمله معهم في التعلم. وهناك خيارات من الحجم، منها حجم كبير وهو 21x21 سم تقريبا أو متوسط وهو 24x 18 سم تقريبا.  فأفضل حجم للكتاب المدرسي في المرحلة الثانوية 17x24 سم (الخوالدة، 2011م).

4-   الورق، يمكن في طبع الكتاب المدرسي استعمال ورق أبيض وزنه يتراوح بين 60 و 70 جرام لكل 100 سم مربع بطباعة تريح النظر دون لمعان ينعكس على نظر القارئ عند القراءة.

5-  الطباعة، الكتاب المدرسي يطبع بوضع الاعتبار على مستوى الدارسين. فالكتاب المدرسي المكتوب لطلبة المرحلة الثانوية يطبع بنبط font 16 أبيض، وتطبع المفاهيم والأفكار الأساسية ببنط 16 أسود، بينما كانت العناوين الرأسية تطبع ببنط 24 أسود، وتطبع العناوين الفرعية ببنط 18 أسود (الخوالدة، 2011م)، وذلك تيسيرا على الدارسين في قراءة المواد التعليمية، وتسهيلا عليهم في التركيز  على المواد التعليمية المعينة.

6-  الصور والرسوم التوضيحية، يشترط أن تكون الصور والرسوم التوضيحية واضحة وجذابة ووظيفية تتصل بالموضوع  وتيسر فهمه واستيعابه وتثير دافعية الدارسين، بحيث لاتزيد عن 30% من مساحة الكتاب.

7-  قائمة المحتويات، تتكون قائمة المحتويات من الموضوعات الرأسية والفرعية من المواد التعليمية وأرقام الصفحات التي ترد فيها الموضوعات. وتوضع قائمة المحتويات في بداية الكتاب تسهيلا للرجوع إلى الموضوعات.

8-  قائمة المراجع، تشتمل قائمة المراجع على المراجع والمصادر التي استخدمها المؤلف في كتابة الكتاب المدرسي. ترتب المراجع والمصادر عموديا حسب الحروف الهجائية من أسماء المؤلفين. وتكتب المراجع والمصادر بصورة علمية بالترتيب التالي: اسم المؤلف، سنة النشر، موضوع الكتاب، مكان النشر، اسم المطبعة والناشر.

9- قائمة المصطلحات والمفاهيم، يفضل أن يكون للكتاب المدرسي قائمة توضح معاني أبرز المفاهيم والمصطلحات بل والمفردات التي اشتمل عليها الكتاب.

أساسيات إعداد الكتاب المدرسي
أساسيات إعداد الكتاب هي العمليات أو الإجراءات اللازمة التي لابد أن يقوم بها المؤلف في إعداد الكتاب المدرسي. هناك نماذج من أساسيات إعداد الكتاب قدمها خبراء البحوث العلمية وإعداد المواد التعليمية. ونعرض هنا، في هذا المقال، النموذج الإجرائي الذي قدمه برج وغالBorg & Gall  (1983م). يشتمل هذا النموذج الإجرائي على عشرة إجراءات ولكن هذا المقال يقتصر على ذكر ستة رأسية منها وفقا لحاجة إعداد الكتاب المدرسي لمستوى المدارس الثانوية.  وفيما يلي الرسم البياني للإجراءات وتليه التوضيحات المختصرة له.

 

















الرسم البياني: الإجراءات من البحث التطويري لبرج وغالBorg & Gall  (1983م) بالتصرف.  

            واعتمدا على الرسم البياني السابق فتكون الإجراءت لإعداد الكتاب المدرسي كما يلي:
ا- دراسة الحاجات
تحتوي هذه الدراسة على النشاطين كما يلي:
(1)  القيام بالفحص الميداني في المدارس التي يُعدّ الكتاب المدرسي لأجلها، وبهذا الصدد المدارس الثانوية بإندونيسيا. وذلك للحصول على المعلومات حول الدارسين الذين يتوجه إليهم المؤلف بالكتاب المدرسي. هذه المعلومات سوف تساعد المؤلف في رسم صورة ذهنية للدارسين ومعرفة خصائصهم واحتياجاتهم وقدراتهم اللغوية واتجاهاتهم نحو اللغة العربية وميولهم إليها ومشكلاتهم في تعلمها، ومن ثم تساعده  في إنتاج كتاب مدرسي أكثر ملاءمة لهم. وتأتي المعلومات من مدرسي اللغة العربية ودارسيها عن طريق المقابلة الشخصية مع الطرفين، كما تأتي من الملاحظات لعملية التعليم التي يقوم بها أحد المدرسين. وللحصول على هذه المعلومات يُستعمل دليل المقابلة الشخصية و دليل الملاحظات حيث فيهما النقاط المتعلقة بخصائص الدارسين كما سبق ذكره.

 (2)  الاطلاع على المنهاج الدراسي المقرر لمستوى المدارس التي يؤلَّف الكتاب من أجلها، وفي هذا الصدد المنهاج الدراسي لسنة 2013م الذي أصدرته  وزارة التربية والثقافة الإندونيسية. يهدف هذا الاطلاع إلى معرفة أهداف التعليم ومواده  وطرائق عرضه المرسومة كلها في المنهاج. وذلك لأن الكتاب المدرسي لابد أن يمثل ترجمة صادقة للمنهاج التربوي. إضافة إلى ذلك، لابد من الاطلاع على المراجع والمصادر عن اللغة العربية وطرائق تدريسها التي لها ارتبط بمواد الكتاب المدرسي. وذلك للحصول على المواد التدريسية التي يتضمن عليها المنهاج الدراسي ويمكن تقديمها في الكتاب المدرسي.

بــــــــ - التصميم   
ويتكون تصميم الكتاب من نوعين، هما تصميم المادة وتصميم الإخراج. يجري في تصميم المادة اختيار المواد وجمعها وتصنيفها  وتنظيمها، مثل تحديد المفردات المناسبة، وتحديد أنواع التراكيب اللغوية الشائعة والنصوص المختارة، وما إلى ذلك من المواد  التي أنتجتها دراسة الحاجات في الفحص الميداني والاطلاع على المراجع والمصادر، ومن ثم وضع الإطار  لعرض المواد. وأما تصميم الإخراج فهو تصميم الكتاب المدرسي من حيث شكله وطباعته وحجمه، وكذلك نوع ورق الكتاب وألوانه، وغير ذلك من الشكل العام الذي صدر فيه الكتاب المدرسي.

جـ -  عملية الإعداد  
        عملية الإعداد هي تحقيق أو تنفيذ ما تم تصميمه في عملية التصميم. فيكون فيها تنسيق المواد التدريسية في الوحدات أو الدروس والتدريبات والتقويم. ويكون فيها كذلك  تنسيق الإخراج مثل وضع مقدمة الكتاب وفهرس المحتويات، وتحديد الصور والرسوم، وتعيين نوع الورق والغلاف وموضوع الكتاب، وما إلى ذلك من شكل الكتاب الخارجي والداخلي الذي تم تصميمه في عملية التصميم. وتنتج عملية الإعداد الإنتاج الأول على شكل نسخة مسودة.

د-   تجريب الإنتاج واختباره
       قبل القيام بطباعة الكتاب يجرى تجريبه واختباره لمعرفة صلاحيته ومقروئيته.  وذلك  بتطبيقه في التدريس فعلا قام به أحد المدرسين لمجموعة صغيرة من الدارسين الذين أعدّ لهم الكتاب، إضافة إلى تقديمه لخبراء تعليم اللغة العربية  ليختبروه ويقوّموه من حيث علميته ومقروئيته وتوافره لشروط الكتاب المدرسي الجيد. ومن خلال التجريب تعرف من قبَل الدارسين أوجه الصعوبة والسهولة، وعناصر القوة والضعف من الكتاب.  كما يعرف من قبل الخبراء مدى مقروئية الكتاب وعلميته ومدى توافره لسمات الكتاب الجيدة، حيث ينال المؤلف من الأطراف الثلاثة – المدرس والدارسين والخبراء – المدخلات، والتوصيات، والنقدات البناءة لتحسين الكتاب وتكميله من شتى الأوجه.  ولجمع البيانات عن ذلك كله تستعمل الاستبيانات ودلائل المقابلات الشخصية التي تشتمل على الأسئلة المرتبطة بمعايير مقروئية الكتاب ولياقته وسماته الجيدة.

هـ - تنقيح الإنتاج
       تنقيح الكتاب المدرسي يعتمد على نتائج التجريب والاختبار له، حيث ينتج التجريب والاختبار  الإيجابيات والسلبيات من الكتاب المدرسي، كما ينتجان المدخلات والتوصيات والنقدات من قبل المدرسين والخبراء بل ومن الدارسين. وانطلاقا من ذلك كله قام المؤلف بتنقيح الكتاب عن طريق تصويب الأخطاء وزيادة مايلزم وحذف ما لا يلائم الشروط والسمات للكتاب المدرسي الجيد، حتى يكون الكتاب قريبا إلى ما يرجوه المدرسون والخبراء وملائما بما أراده الدارسون.

و- توفير الإنتاج وتعميمه ونشره
      والخطوة النهائية من إعداد الكتاب المدرسي هي طباعته وتعميمه فنشره. تعتمد الطباعة على نتائج التصميم الإخراجي الذي حصل عليه المؤلف من خلال عملية التصميم. وقد تأتي من قِبل الخبراء في عملية الاختبار المدخلات من ناحية الإخراج. إذا كان الأمر كذلك، فلابد للمؤلف من وضعها في اعتباره عند الطباعة.  وأما التعميم فهو نشر الكتاب المدرسي، بعد تمام الطباعة، إلى جهات معنية باستخدام الكتاب في المدارس، أمثال المدرسين ورؤساء المدارس والمسؤولين في وزارة التربية والثقافة في دائرة معينة. وذلك عن طريق ندوة علمية صغيرة تشترك فيها الجهات المذكورة، حيث يقدم فيها المؤلف إلى مشتركي الندوة ما للكتاب من مواد وخصوصيات ومميزات إضافة إلى أغراض تأليفه ونشره. ويلي التعميم النشر. وهو نشر الكتاب إلى الجهات الأوسع مثل تلاميذ المدارس والمعاهد أو طلبة الجامعات، عن طريق بيعه في المكتبات أو وقفه  في دار الكتب أو وزعه مجانا إلى المدارس والمعاهد.
     
الخاتمة
        وبعد، فأحمد الله تعالى وأشكره على أن وفقني لإتمام هذا الموضوع. وأهم النتائج التي توصلت إليها منه أجملها فيما يلي. إن الكتب المدرسية لها دورها البارز ووظيفتها الاستراتيجية في تعليم اللغة العربية. وإنه لمن الأسف أن الواقع في إندونيسيا يدل على أن كتاب تعليم اللغة العربية الذي كتبه الإندونيسيون فيها ضئيل وفي كثير من الأحيان ضعيف المستوى. ومن أسباب ذلك ضعف دافعية مدرسي اللغة العربية إلى تأليف الكتب المدرسية، وقلة اهتمام الحكومة ببرامج إعداد الكتب المدرسية لا سيما الكتب العربية، وقصور دعمها للمؤلفين في التأليف. وربما قلة المعلومات النظرية حول إعداد الكتاب المدرسي وتأليفه لدى المدرسين تكون سببا آخر لهذه المشكلة.
وبغض النظر إلى الواقع السالف الذكر، يستحسن أن يشجع مدرس اللغة العربية نفسه إلى حب الكتابة والبحث والتأليف، لا سيما تأليف الكتاب المدرسي العربي. إضافة إلى أن يزود نفسه بالمعلومات التي تتعلق بمفهوم الكتاب المدرسي ووظيفته في تعليم اللغة العربية، والمعايير الأساسية له، وإخراجه، وأساسيات إعداده، حتى يتمكن من تطوير المواد التدريسية التي يقدمها لطلبته في فصول الدراسة. وإنه لمن المستحسن أيضا أن يدفع المدرس نفسه إلى تطبيق ما يعرفه من المعلومات حول إجراء إعداد الكتاب ابتداءً من دراسة الحاجات، والتصميم، وعملية الإعداد، والتجريب والاختبار، والتنقيح، حتى التوفير والتعميم ثم النشر.
هذا ما توصلت إليه من المقالة بما فيها من الأمور المتعلقة بإعداد الكتب المدرسية لتعليم اللغة العربية في المدارس الثانوية بإندونيسيا. والرجاء من إخوتي المشاركين في الندوة والقراء الأعزاء حسن الاستفادة منها، سائلين المولى أن يسدد خطانا ويوفقنا للعمل فيما يحبه ويرضاه، إنه ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

المراجع العربية
الخوالدة، محمد محمود. 2011م. أسس بناء المناهج التربوية وتصميم الكتاب التعليمي. عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع.
طعيمة، رشدي أحمد. 1985م، دليل عمل في إعداد المواد التعليمية لبرامج تعليم العربية.  مكة المكرمة: معهد اللغة العربية بجامعة أم القرى.
الغالي، ناصر عبد الله. دون سنة. أسس إعداد الكتب التعليمية لغير الناطقين بالعربية.  مكة المكرمة: دار الاعتصام.
مدكور، علي أحمد. 2010م.  المرجع في مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى. القاهرة: دار الفكر العربي.

المراجع الإندونيسية

Kurniasih, Imas. 2014. Buku Teks Pelajaran. Surabaya: Kata Pena
Lestari, Ika. 2013. Pengembangan Bahan Ajar Berbasis Kompetensi. Padang: Akademia Permata.
Prastowo, Andi. Pengembangan Bahan Ajar Tematik. Jogjakarta:  Diva Pers.
Putra, Nusa. 2012. Research & Development. Jakarta: Rajawali Pers.
Setyosari, Punaji. 2013. Metode Penelitian Pengembangan. Jakarta: Kencana Prenadamedia Group.
Sitepu. 2012. Penulisan Buku Teks Pelajaran. Bandung: PT. REMAJA ROSDAKARYA.
           


           





Tidak ada komentar:

Posting Komentar